ثائر.. ثائر..
اسمي ثائر..
أحمل في جنبيّ فؤاداً..
يبكي وطناً..
أحمل أحجاراً و مخاطر..
أجري في كل الطرقات..
لا أعرف غير العبرات..
كل الأطفال لهم أهلٌ..
وأنا أهلي..
"مرضَ" و "مات"...
مَن مثلي ينشد أغنيةً
غنّاها قبلي الأجداد؟
أفئن ماتوا..
ننسى وطناً..
ننسى بيتاً..
ننسى طفلاً.. يُدعى ثائر
* * *
كل الأطفال إذا كتبوا..
كتبوا عن قصصٍ و مآثر..
عن شريرة..
ضدّ أميرة..
عن تلميذٍ يدرس شاطر..
فترى ماذا سيكتب ثائر؟
يكتب قصصاً عن عدوان
عن بيت سقط و طوفان..
عن قنديل أُنضب زيتاً..
عن طفلٍ يبكي جوعان؟
* * *
كل الأطفال إذا رسموا..
رسموا شجرة..
رسموا طائر..
رسموا أزهاراً و مناظر..
رسموا ورداً..
رسموا ماما..
فترى ماذا سيرسم ثائر؟
يرسم قبراً..
يرسم نصراً..
يرسم نهراً تحت معابر..
يرسم أعلاماً محترقة..
يرسم أحلاماً مختنقة..
يرسم دمعاً..
يرسم طفلاً يسأل حائر..
* * *
كل الأطفال إذا لعبوا..
ضحكوا تارة..
ركضوا تارة..
بصراخٍ يشبه كركرةً
إن وجدوا في الشطّ محارة..
فترى كيفَ.. سيلعب ثائر؟
هل يلعب بدمىً منكسرة؟
أم يقبع في أرضٍ قفرة..
تأسره أحلامٌ حمقى
تملؤه همّاً و مرارة..
* * *
كل الأطفال إذا غنّوْا
غنّوْا في مرح و حبورْ..
و تنادوا بالعذبِ لحوناً..
والفجرُ الباسمُ مسرورْ..
أما ثائر..
لا يعرف للمرح طريقاً..
غير عذابٍ
غير سكوت..
غير الصدر يضيق ليحيا..
بفؤادٍ باكٍ مكسورْ
* * *
و مضى ثائر..
راح شهيداً في التاسعةِ..
و مشى جمعٌ بجنازتهِ..
قال صغيرٌ:
"انظر.. أنظر..
أقسم أنّي ألمح ثائر..
يبتسم و يضحك و يغنّي..
ها قد صار سعيداً حقاً..
ملفوفاً بالورد مكفّنْ..
يمضي نحو النّزل الأثمن..
فهناك سيلعب و يطير..
يكتب أشعاراً و يغنّي..
يرسم أزهاراً بعبير..
فبعيداً خلف الآفاق..
يحيا..
يضحكُ..
يسعدُ..
ثائر..